الاخبار العامة

ماذا تحـمل خريـطة الشـرق الأوسـط الجديدة وهل نحن على أبـواب حـرب شـاملة ؟

“جميع الصراعات القائمة والمتجددة والمفتعلة والمرتقبة في شرق الأوسط تدور بين محورين، الأول يسعى لإعادة رسم الخرائط بهدف إخراج إسرائيل من عزلتها وتسويقها عربياً، بينما الثاني يرفض هذا التوجه بتاتاً خوفاً من ارتداداته، و تحديداً الاحتلال التركي وذلك خشيةً من نيل الشعب الكردي حقوقه في أجزاء كردستان الأربعة لأنها ستُفقد دورها في مساندة الغرب في عمق الإسلامي و على محور الصراع مع روسيا .

و هنا نستنتج رفع وتيرة التهديدات و تصريحات النارية من مسؤولي الاحتلال التركي تجاه إسرائيل ، لأنها تدرك بأن الخريطة الشرق الأوسط في دور التغيير و أن مصلحة و نفوذ إسرائيل سيأُخذ أولاً لرسم تلك الخريطة الجديدة ، ما يفتح أبواب على نيل الشعب الكردي لحقوقه، لذلك عبر دعم حماس و مليشيات الشيعية في لبنان تستبق خوض الحرب على أراضيها.

ام بنسبة للسؤال الدارج في هذه الأيام هل نحن أمام حرب في الشرق الأوسط؟ لا شك بأن هجوم “7 اكتوبر على إسرائيل ساهمت في إعادة الأنظار لقطاع غزة و للقضية الفلسطينية, التكلفة كانت عالية على كلا الطرفين، لكنها فتحت أيضا أبوابا جديدة نحو اتساع الصراع في الشرق الأوسط، و من خلال النظر في صراعات الدولية الأخرى و تحديداً حرب الأوكرانية فمن مصلحة روسيا أن تنتقل أنظار العالم الى غزة بدلاً من أوكرانيا ريثما يصل ترامب للسلطة حسب أهواء الروسية ،ومن مصلحة الصين أن تستغل ماحدث من خلال تمديد أذرعها في المنطقة.

كما أنه من مصلحة إيران أن ينسب لها ماحصل في غزة لإعادة إمساك زمام الأمور في القضية الفلسطينية أمام العالم الإسلامي وأمام مؤيدي القضية الفلسطينية حول العالم، لذلك سيزداد عدد من يقترح إعادة النظر بالعلاقة مع إيران على أساس امكانية التعامل معها أو تشكيل تحالفات معها، و بالنسبة لنظام السوري و في سياق تضيق عليها من قبل إيران و منعها من التقارب بشكل كبير تجاه الدول العربية ،حاولت السيطرة على حركة حماس الإخوانية من جديد لكن أجبرت على نقل الملف لإيران وقطر، وهي ترجو أن يساهم نتنياهو بإشغال إيران على نحو يجعلها تفكر بالانسحاب من سوريا، فهي تدرك أن خروج ايران من سوريا لن يكون قريباً أو سهلاً وسيكون النظام أقرب لحالة جيش العراق والحشد الشيعي أو حكومة اليمن والحوثي أو حكومة لبنان وحزب ايران اللبناني، ولكن في جميع الحالات لا يبدو أن إيران تفكر بالخروج بعد كل استثماراتها في سوريا خلال عقدين ونصف من الزمن.

و بخصوص السياسة الإسرائيلية يدرك نتنياهو شخصياً أن ماحدث في غزة هو فرصة له لإنهاء حماس ولإعادة الملالي لحظيرة ايران، ويريد من إيران أن تقوم بهجمات عسكرية تساهم في توريطها في حرب مع تل أبيب، بحيث يستطيع نتنياهو وضع حد للمشروع النووي الإيراني ولتغلغل ايران في الدول العربية وقطاع غزة، ولا يبدو أن إيران تريد هذه الحرب فهي لا تقوم بالرد على استفزازات نتنياهو إلا بخطوات مدروسة وبعد استشارة دول غربية، لتظهر اهتماما خاصا بالتزامها بقواعد اللعبة الدولية

بعد اغتيال جنرال ايراني في السفارة الايرانية بدمشق وشكر في بيروت وهنية في طهران يظهر لنا حجم التغلغل الاسرائيلي في المنظومات الأمنية الايرانية، لدرجة تجعل من الصعب على إيران التعامل مع حجم هذا الاختراق، أو حتى فهمه.

لا يظهر أن ايران مهتمة بحرب مع تل أبيب، ولا يبدو أنها سترد على الاستفزازات الاسرائيلية بشكل قاسي ، كما أن وصول اصلاحي لمنصب الرئيس يظهر أيضا رغبتها بالانفتاح أكثر مع الغرب وخروجها من تصنيف مليشيات إلى تصنيفات دولة لذلك حتى اليوم لم يرق الوضع في الشرق الأوسط لمرحلة إمكانية نشوب حرب بالرغم من التصريحات. فإيران تقدم القرابين للغرب وتحصر مشكلتها مع تل أبيب بنتنياهو، وربما ترد على اغتيال هنية بهجمات مدروسة تظهر احترافية دولة في الرد بطريقة لا تؤدي لتصعيد

ازدياد الهجمات الاسرائيلية على الايرانيين وأتباعهم زاد أضعافا مضاعفة خلال الفترة الماضية وكل هذا لم يجعل ايران تفكر برد قاس موجع يوقف تل أبيب عند حدها ولا يتوقع أن يتغير هذا الأمر، إلا إن قرر نتنياهو رفع الرهان وبدأ باستهداف المواقع النووية الايرانية أو قرر اغتيال متزعم حزب ايران اللبناني أو قرر اجتياح جنوب لبنان.

حتى اليوم لا يبدو أن الأمر سيزداد سوءاً، حتى لو ضربت إيران اهدافاً اسرائيلية كــ رد رمزي على اغتيال هنية، لكن يبقى التصعيد ورقة بيد نتنياهو فهو مصمم كل التصميم على قطع أذرع إيران في المنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة