تثير الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها الشهر الجاري في إقليم شمال وشرق سوريا غضب الاحتلال التركي وازدياد نبرته العدائية تجاه مكونات الشعب السوري، حيث تستعد الإدارة الذاتية لإجراء انتخابات بلدية في “الحادي عشر من يونيو الجاري، ويرى مراقبون أن ردود الفعل مسؤولي الاحتلال التركي لن تؤثر على موقف الإدارة الذاتية في المضي قدماً في إجراء الاستحقاق الذي جاء عقب تعديلات هيكلية على المنظومة السياسية والإدارية ترجمها “العقد الاجتماعي”الأخير .
وكان قد هاجم وزير دفاع الاحتلال التركي الانتخابات البلدية في اقليم شمال وشرق سوريا و صرح إن تلك الانتخابات “غير مقبولة”، أم أردوغان فوصف الانتخابات على أنها عمل عدواني يهدد أراضي السورية و التركية(حسب قوله) ويشير المراقبون أن النقطة التي قد تثير مخاوف لدى الإدارة الذاتية هي الموقف الأميركي الذي أبدى تحفظات على إجراء الاستحقاق، وربطه بتحقيق جملة من الشروط لم يوضحها،فيما رجح آخرون بأن واشنطن لا تريد أن تظهر في ثوب المبارك لخطوات قد ترى تركيا أنها استفزازية، مع أن الخطوات التي أقدمت عليها الإدارة الذاتية حتى الآن تندرج في سياق مسار الأنسب لإيجاد تسوية نهائية للأزمة السورية المندلعة منذ العام 2011، والتي لم تجد بعد طريقها إلى الحل.
و لاشك بأن موضوع الانتخابات البلدية في شمال وشرق سوريا أخذ مساحة من النقاش الداخلي والإقليمي والخارجي بشكل واسع، باختصار الإدارة الذاتية حصدت نتائج سياسية إيجابية و كبيرة من الدعاية الانتخابية ،و يرى خبراء بأنه حتى إن صدر خلال أيام أو الساعات القادمة قرار تأجيل الانتخابات بناء على رغبة بعض التيارات السياسية التي لم تجد مساحة من الوقت للدعاية وترشيح الأكفاء لمثل هذه المناصب، لن يكون هناك أي ضرر في مجريات إدارة المنطقة وتحالفاتها الخارجية .
لكن في كلا الحالتين إن تم تأجيل الانتخابات البلدية أو لم تتأجل ،سيبقى الاحتلال التركي رافضة لوجود قوة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري (قوات سوريا الديمقراطية) وإدارة تدير شؤون المواطنين غير مرتبطة باجنداتها التوسعية، أم عن تهديدات العسكرية في اجتياحٍ جديد للمنطقة ،وحتى في ظل ليونة موقف الأمريكي الأخير تجاه تركيا، لكن موقف الأمريكي لم يتغير في رفض أي عملية عسكرية جديدة ضد مناطق شمال وشرق سوريا.
و معروف بأن امريكا ليس العامل الوحيد المؤثر في مشهد السوري ،بل هناك روسيا وايران والاثنان مع الولايات المتحدة الرافض لقيام المحتل التركي بأي اجتياح بري جديد ، لهذا لا داعي للقلق ولا مبرر في تشبيه انتخابات محلية بالاستفتاء في اقليم كردستان، و تحديداً ما يمر بها الاحتلال التركي من ضعف إقتصادي وتقلص كبير في نفوذها حيث عصفت رياح عاتية بالحكومة الاحتلال التركي خلال السنوات الاربعة الماضية ،جعلتها ترضخ للواقع و الداخل التركي قابل للانفجار بعد كثرة الوعود الفارغة في إصلاح اقتصادي وليرة التركية في سباق سريع إلى الهاوية.