أخبار عفرين

شارة النصر”.. وأطفال عفرين المهجرين في الخيمات .

شارة النصر”.. وأطفال عفرين المهجرين في الخيمات .

أريد أن أعود إلى عفرين ولدارنا في جندريسه، بهذه الكلمات عبرت طفلة في مخيم سردم عن اشتياقها لديارها وهي رافعة شارة النصر قائلةً: “نعلم بأن هناك من سيشاهدنا خلف الكاميرات على شاشات التلفاز، لكن العالم يحاول ألا يرنا وما نعيشه في المخيم”.

عند سماع المرء عن المخيمات تتجه الأذهان فوراً لرسم صورة في المخيلة عن حالة اليأس والفقر وانعدام الأمل وطلب المساعدة، إلاّ أن هذه الظاهرة تغيرت مع مهجري عفرين في المخيمات الخمسة في مقاطعة الشهباء.

في حالة فريدة من نوعها تشاهدها في المخيمات بمقاطعة الشهباء أثناء تجوال الصحافيين ضمن أحياء المخيم، يهرول الأطفال خلف كاميرات الصحافيين، كلما تنبهوا لهم من بعيد وهم يتجولون بين خيام لنقل الواقع المعاش هناك.

يعترض الأطفال داخل المخيمات طريق كاميرات الصحافيين، مدركين بأن هناك من سيراهم خلف الشاشات ويهتم لأمرهم فيصطفون أمام عدسات كاميرا الصحافيين كمن يصطفون في مدارسهم في عفرين التي غادروها قسراً نتيجة عدوان تركيا ومرتزقتها على المقاطعة 20 كانون الثاني, فيرفع الأطفال شارة النصر في صورة استثنائية تعكس ما تتخيله الأذهان عن واقع المخيمات.

يطلب الأطفال بالتقاط صورة لهم وهم رافعين شارة النصر والابتسامة تملئ وجوههم، دون المبالاة لما يعانونه من نقص في الإمكانيات نتيجة الحصار الجائر التي تفرضها حكومة دمشق من جهة وقذائف الاحتلال التركي ومرتزقته التي تؤرق حياة الأهالي للخطر، وسط غياب تام للمنظمات الدولية التي لا تلعب دورها الفعال في إيقاف السياسات التي تمارس كلا النظامين، لتزيد الطين بلة منظمة اليونيسف (UNICEF) وتقطع مياه الشرب عن مهجري عفرين وتحرم 37 قرية وكبرى نواحي الشهباء من مياه الشرب.
المشاهد التي تلتقطها عدسات الكاميرات غيرت الواقع المعتاد عليه في باقي مخيمات العالم، وتحولت كل خيمة لمهجري عفرين إلى قصة مقاومة ومثالاً لشعوب الأخرى، فإن المهجرين من عمر السبعة سنوات وحتى 70 عاماً في مقاومة تاريخية على مدار 24 ساعة على كافة الصعد، ابتداءً من الحفاظ على الإرث الثقافي والارتباط بالأرض وحتى التنظيم على أسس حرب الشعب الثورية.

وكانت لمواهب الأطفال حصة من المقاومة، فظهر العديد من الأطفال دون سن الـ 15 باعاني وأصوات جميلة عن الوطن فضلاً عن العزب على آلات الموسيقى بإتقان
إن فكر وفلسفة الأم الديمقراطية التي طرحها القائد عبد الله أوجلان جلعت من أبناء شمال وشرق سوريا شعباً أكثر تنظيماً فكرياً وإدارياً في جميع الظروف والأوقات وحتى أثناء تهجيرهم ومقاومتهم ضمن المخيمات، وظهرت نتائجها خلال مقاومة دامت 58 يوماً أمام أحدث التقنيات وأسلحة الناتو المدمرة في “مقاومة العصر” من قبل أهالي عفرين، لا سيما عند تهجيرهم قسراً من ديارهم صوب مقاطعة الشهباء وتمكثهم في المخيمات.

فرفع الأطفال لشارة النصر في المخيمات، وعلى شرفات الطرقات أثناء مرور موكب الشهداء، ضمن القرى والبلدات في مقاطعة الشهباء، لم تأتي عن عبث وليست وليدة اليوم، وإنما مرتبطة بايدلوجية منذ عقود من الزمن، تثبت الإصرار على المقاومة بوجه جميع المصاعب وظروف التهجير السيئة والتي حولها المهجرين إلى أجواءً مليئة بـ “المقاومة”.

في جميع المخيمات في العالم يتجه الصحفيون لالتقاط صوراً من زاوية خاصة بهم تنقل واقع المعاش في تلك المخيمات وبين الحين والأخرى المبالغة فيها، وخاصة صور الأطفال الذين يفترشون العراء في فصل الشتاء مجردين من الملابس وبعيدين عن المقاعد الدراسية، وذلك لتأثير على مشاعر المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.

المشاهد التي نتحدث عنها ترها بشكل كبير في المخيمات الواقعة في المناطق التي تحتلها تركيا ومرتزقتها في سوريا وتتغير المشاهد المعتاد عليها عن مخيمات مهجري عفرين الخمسة في مقاطعة الشهباء، إذ أن لا تبقى مساحة للصحفيين لتلتقط عدسة كاميراتهم مشاهد تعبر عن حالة اليأس وانعدام الأمل، ليحظوا بمجموعة من الأطفال بمختلف الأعمار في كل مرة من حولهم يطلبون بالتقاط صورة لهم في وجهً يعبر عن المقاومة .

في إحدى جولاتنا في مخيم سردم الواقعة في قرية تل سوسن بناحية الاحداث في مقاطعة الشهباء، استوقفني عدداً من الأطفال وبينهم الطفلة هكاري وقاص 10 أعوام، وطلبوا مني أن التقط صورة لهم وهذا ما أثار فضولي لماذا رفعوا شارة النصر.

تقول هكاري “نعلم بأن هناك من سيشاهدنا خلف هذه الكاميرات لكن رغم ذلك العالم يحاول ألا يشاهدنا ويرى ما نعيشه في المخيمات”.

وعن السؤال هل تدرك لماذا ترفع شارة النصر، قالت هكاري “عندما كنا في عفرين نرى الشعب والرفاق يرفعون يدهم وخاصة في مراسم الشهداء، فسألت والدي لماذا يرفعون يدهم، قال لي (ابنتي إن هذه شارة النصر والمقاومة) وحينها ادركت بأننا يجب أن نرفع الشارة النصر في كل مكان”.
وتضيف هكاري في حديثها “العالم يقطع علينا كل شيء في المخيم لكن رغم ذلك لا زلنا نعيش”.

وفي ختام حديثها قالت الطفلة هكاري وقاص بوجه مليء بالأمل “أريد أن أعود إلى عفرين وإلى منزلنا في جندريسه”.

الشهباء – جودي سيبان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة